top of page

لأجل ليبيا مع ليبيا.. مؤتمر باليرمو بين الالتزام والتطبيق

لأجل ليبيا مع ليبيا.. مؤتمر باليرمو بين الالتزام والتطبيق

ضمن حملة جديدة ترويجه شنتها ايطاليا "لأجل ليبيا مع ليبيا" من تجميع الأطراف السياسية الفاعلة ، حملة جمعة بعض الليبيون وليس الكل، فكان من بين الحاضرين رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج والمشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الليبي وسياسيين كبار من دول العالم في مؤتمر باليرمو الصقلية.

لكن مؤتمر باليرمو كان كثيرا منتقدًا من بعض الأطراف السياسية الليبية نظرًا لأن البعض منهم لم يشاركوا في المؤتمر معتبرين لقاء القمة لأجل ليبيا مع ليبيا هامشيًا وفاشلا إلى حد ما.

وجود الجنرال الليبي في باليرمو مدعوم من مصر وروسيا والإمارات العربية المتحدة وفرنسا، فهو متواجد للقاء مع غسان سلامة وكبار المسؤولين الدوليين لإخراج ليبيا من الأزمة التي شهدنها البلاد منذ سنوات طويلة.

مما يبدو أن الرئيس الإيطالي للمجلس جوزيبي كنني ، ذهب في الأيام الأخيرة قبل انعقاد اللقمة من اجل ليبيا إلى مدينة بنغازي الليبية لإقناع حفتر بحضور المؤتمر.

ولكن أثناء الليل اجتماع رئيس الوزراء جوزيبي كونتي مع الجنرال حفتر مجددا وذكر له "إن الحل الوسط هو فن القيادة ، ويتم التوصل إلى حلول وسط مع الخصوم ، وليس مع ألأصدقاء" ، الرئيس الحكومة الايطالية قالها نقلاً عن الزعيم الأفريقي نيلسون. مانديلا.

المؤتمر لأجل ليبيا مع ليبيا ، استمر يومين ، مما ساعد على فهم العديد من الأمور: على سبيل المثال إذا كان هناك هوامش للتوصل إلى نوع من الاتفاق بين الأطراف المعنية ، وإذا تمكنت إيطاليا من استعادة دور الدول الأوروبية بشأن الأزمة الليبية ، وطرحها من فرنسا التي أصبحت في الأشهر الأخيرة بطل الرواية بشكل متزايد.

إن روما مدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا حول الملف الليبي، لتخوض ايطاليا صراعا مع فرنسا من ضمان اكبر قدر من الهيمنة على الشأن الليبي، لكن التنافس بين إيطاليا وفرنسا على ليبيا شيء آخر سيراقبه العديد من المراقبين بعد قمة مؤتمر باليرمو.

ومن هذا السبب كانت ليبيا الدولة المهمة بالنسبة لايطاليا، إذ إن ايطاليا الدولة التي تضغط من اجل أن يكون لها دورا أساسيا وفعال في تثبيت الاستقرار في البلد الإفريقي المطل على البحر الأبيض المتوسط،.

ايطاليا لها أهمية إستراتيجية لليبيا، لكن بالإضافة الى الجانب المتعلق بالاقتصاد والأمن فهناك عناصر جيو سياسية لا يمكن أن نفصلها عن بعض وهي مربوطة بالسياسة الايطالية ورؤيتها بأكثر شمولية للوجود الايطالي في شمال افريقيا.

تنظيم قمة باليرمو لأجل ليبيا مع ليبيا، لا يتعلق بالمستعمرة الايطالية السابقة، ومن اي شي أخر، يبدو انه الطريق للتأكيد على الأهمية الإستراتجية التي تفرضها ايطاليا على ليبيا، الدولة الليبية المتواجدة على المنطقة المغاربية، ليس من قبل المصادفة أن رئيس الوزراء جوزيبي كونتي يعمل جاهدا لإنجاح المؤتمر الحالي بأي طريقة يراها لمصلحة ايطاليا.

لقد زار رئيس الوزراء الايطالي جوزيبي كونتي كل من تونس والجزائر قبل مؤتمر القمة في ضوء حشد الدعم وإنجاح المؤتمر وهذه خطوات تعزيز الروابط بين روما وشمال افريقيا من النواحي السياسية والاقتصادية التي تطمح إليها روما.

ومن الناحية أخرى، يكفي علينا النظر الى العلاقات الاقتصادية القائمة بين ايطاليا والجانب الأخر من البحر الأبيض المتوسط لفهم كيف ممارسة دور ايطاليا من كونها مهمة جدا في مجال الاقتصاد والمال في متناول دول البحر الأبيض المتوسط لتصبح ايطاليا الشريك الأول لليبيا.

وقد تعد مصر احد الدول التي استعادة العلاقات مع ايطاليا حيث تعمل إيني من وتواجد اكبر الودائع في منطقة البحر المتوسط وتعمل ايطاليا على لعب الدور القيادي في التهدية الليبية والاستقرار السياسي، إذن مؤتمر القمة في باليرمو كان وسيلة لتعزيز دور ايطاليا في شمال افريقيا.

لكن من الواضح أن ايطاليا تعزز علاقاتها مع ليبيا ليس فقط من النواحي السياسية والاقتصادية بل أيضا من النواحي الهجرة الغير منظمة من افريقيا الى أوروبا عبر ليبيا، وعبر دول أخر في شمال افريقيا من بينها تونس لتكون ايطاليا قادرة على الاعتماد عليهم في التصدي على الهجرة من افريقيا الى ايطاليا ومن ثم الى باقي أوروبا.

كان لازما على ايطاليا بالدفع ومن الاتجاه نشاء قوة عسكرية فريدة ومعترف بها والتي تكمن في أن تأخذ السلطة والمال بعيدا عن المليشيات المتواجدة في الواقع الليبي، وفي كل الحالات هم الذين ينظمون الى بالاتجار البشر في ليبيا.

الهجرة الغير منظمة تأخذ أهم العناصر التي تفرض على ايطاليا من اتخاذ دورا رئيسيا في ليبيا ولا يمكن على جعل ايطاليا القضية الليبية قضية تدفقات المهاجرين القادمين من ليبيا عبر السواحل الأفريقية في زعزعة استقرار ايطاليا اقتصاديا.

وبعد إخفاق الكثير من المؤتمرات السابقة حول ليبيا والذهاب بالقضية الليبية الى الطريق المسدود، بقاء الطريق مفتوح أمام ايطاليا بجهود الرئيس الوزراء الايطالي كونتي من محاولة إطلاق نظرة متميزة في إبقاء ليبيا مستقرة سياسيا.

لا شك أن العلاقات التاريخية التي تفرضها روما، تحافظ على حراسة هذه الدولة الليبية لإرساء الاستقرار في منطقة المغرب العربي وبالأخص في القارة الأفريقية، لاعتبارها عامل جغرافي إقليمي يربطها بإيطاليا.

مما كان واضحا للجميع من دول العالم وبالأخص الولايات المتحدة الأمريكية في رغبة وجود لدولة ليبية القوى القادرة على السيطرة على الأقاليم الليبية الثلاثة وفرض القوة العسكرية والأمنية في جميع المجلات.

الفاعل الحقيقي لإخراج ليبيا من كافة التزامات والمحن ليس ايطاليا وحدها بل تكمن في مشاركة جميع الأطراف الرئاسية المعنية بهذا النزاع على الساحة السياسية الداخلية الذين لهم خطوات كبرى بعد اجتماع باليرمو الى الإمام في وحدة وطنية دستورية شاملة.

ايطاليا تتجنب خسائر مصارعة الذراع التي أطلقتها فرنسا، و الى اتجاه ايطاليا نحو الاتفاق في ما بينهم من واقع المصلحة المشتركة ومن وراء التسرع التي تفرضها ايطاليا من تجميع اكبر قوى في القمة باليرمو، لنا ليبيا تحتاج الى تقنيات وشركات ايطاليا بحسب الاتفاقات المبرمة مع الشركات الايطالية في السابق.

ومن المتوقع أن يكون بين الاتفاقات بين ليبيا وايطاليا فرصة هامة لتوقيع عقود عمل مهمة، من بناء موانئ ومطارات وطرق سريعة جديدة بالنسبة للعديد من الشركات الايطالية ومن طريق الساحلي الكبير الذي يربط طرابلس العاصمة الليبية بثاني اكبر مدن ليبيا مدينة بنغازي الليبية.

المشاريع ضلت على الورق واليوم حان الوقت لتنفيذ هذه المشاريع بمبالغ تصل الى 200 مليون يورو في مجموع القروض التي تطالب بها الشركات الايطالية ضد الحكومة الليبية، وان استقرار طرابلس لا يعني فقط إعطاء هذه الشريكات الايطالية إمكانية استرداد المبالغ، بل أيضا القدرة على فتح العديد من المشاريع بالملايين الأخرى التي ستفاد منها المؤسسات والأفراد الايطاليين.

تسجل ايطاليا بمؤتمرها لأجل ليبيا مع ليبيا في باليرمو له طابع علاقات تاريخية بين روما بطرابلس والتسرع التي تفرضها ايطاليا بهداف المصالح المشتركة، من حيث وجود شركة إيني في ليبيا لسنوات عدة، سنوات قبل الثورة الليبية مع العديد من المصانع الايطالية.

حيث يعتقد الكثير بأن ايطاليا دولة استعمارية وان دورها اليوم على الساحة السياسية دور استعماري لاسيما بعد أحداث السابع عشر من ثورة فبراير المجيدة التي أنهت نظام الجماهيرية الليبية، في ما يمكن من قدرة استعادة ايطاليا آمن ليبيا واستقرارها وحماية وحدتها وحماية حدودها الترابية واستعادة دورها الإقليمي والدولي.

أجراء الاستفتاء على الدستور الليبي يعمل على إنجاح الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، بعيدين عن ضرب كل منا البعض على عرض الحائط،، ومن تمكين الاتفاق السياسي الليبي الموقع الذي جرى يوم الخميس في السابع عشر من ديسمبر 2015 بالصخيرات، ضواحي مدينة الرباط المغربية .

اتفاق يلزم جميع الأطراف السياسية المتنازعة الرامية بدافع من الأمم المتحدة لتسوية الأزمة في ليبيا والتي توجتها المملكة المغربية براعية الملك محمد السادس والحكومة المغربية في احتضانها لحفل التوقيع الاتفاق السياسي الليبي.

ليبيا لها تاريخ نضالي طويل، ومن بين نضال ليبيا الصراع السياسي القائم اليوم بين الفصائل السياسية المتنازعة على السلطة والمال وهي فصائل ليس لها دستورية شرعية تستند عليها في عملية الانفتاح على جميع الأحزاب السياسية الليبية.

تغيرات خارطة المشهد السياسي الليبي يعد مؤتمر باليرمو سيأخذ طابع مختلف بين أطراف الصراع على السلطة الوطنية، حيث استقرار ليبيا يكون مع استقرار الأحزاب والفصائل والتنظيمات السياسية نحو تغيرات سياسية واجتماعيا وعسكريا في ليبيا.

لكن جرت الرياح بما لا تشتهي السفن من الناحية الاقتصادية التي تشكلها ليبيا، فأن شواطئ البحر الأبيض المتوسط تراهن على الحاجة المتبادلة التي تحتاجها ايطاليا من استقرار الدولة الليبية والتي تعتمد عليها في ازدهارها الاقتصادي.

النفط والغاز الليبي تحتاجها ايطاليا في مقابل تكنولوجية الاقتصاد المتقدم، لهذا كانت ليبيا لعقود من الزمن تحتاج الى طرق مميز للشركات الايطالية التي تتعامل مع الطاقة؛ حتى بعد الفوضى السائدة حاليا في مسلسل الانتقال لما بعد الثورة الليبية التي اجتاحت جميع مرافق الحياة.

الأمم المتحدة قادرة من وضع ليبيا على خارطة طريق وبناء دولة ديمقراطية مدينة توم على نجاح حقوق الإنسان الليبي ودولة القانون والحق وإخراج ليبيا من جميع العقوبات المفروضة عليها من قرارات مجلس الأمن.

ولهذا جاء مؤتمر دولي أخر حول ليبيا، لأجل ليبيا مع ليبيا في ايطاليا باليرمو بحضور أهم أطراف النزاع المحليين في محاولة جادة منهم لانطلاق في عملية سياسية من المفترض أن تخرج ليبيا من الدوامة التي تدور فيها بسبب الصراعات واختلاف وجهات النظر في ما بينهم.

البلاد تعاني من انقسامات سياسية وصراعات على السلطة الدستورية الليبية، مما يجب عليهم خلق البيئة الملائمة التي تساعد الحكومة من توحيد مؤسساتها السيادية و تحمل مسؤولياتها نحو الشعب الليبي الغارق في الأزمات والمعانة اليومية.

بقلم الأستاذ رمزي حليم مفراكس

رجل أعمال – كاتب ومحلل سياسي واقتصادي ليبي

مقيم في الولايات المتحدة الأمريكية

bottom of page