من الدروس والعبر إلى الحسم العسكري في الأزمة الليبية
من الدروس والعبر إلى الحسم العسكري في الأزمة الليبية
ما كان لنا أن نهرع إلى الحسم العسكري في محاولة إعادة استقرار الدولة الليبية بالهجوم على العاصمة الليبية والابتعاد عن التقاليد الديمقراطية، ابتعدنا من الحل التوافقي في حكومة شرعية موحدة تعمل على التداول السلمي ليكون العمل السياسي حر وشفاف عبر الانتخابات وصناديق الاقتراع.
في جو طبعه عموما، تحجيم طرف عن الطرف الآخر لافت لتأثير على مجرى الفضية الليبية الشائكة التي تهدد سلامة الأمن القومي الليبي لعدم مقدرة الأطراف المتنازعة تقاسم جدي وهادئ للسلطة، ولهذا كان يجب عليهم حسم المعركة بين الطرفين بعسكرة الدولة الليبية.
حالة عسكرية متأزمة تفرض على ليبيا بالخروج من التقاليد الديمقراطية المعترف بها دوليا في تسير أمور الدولة إلى الحسم المسلح بين طرفين النزاع على السلطة والثروة والسلاح من أجل إعادة الدولة الليبية هيبتها السابقة بين دول العالم.
كان يجب علينا تجنب الغطرسة والغرور في العمل الوطنية على حساب الشعب الليبي، وأكون شاهدا عينان على مجريات الأحداث بخروج ليبيا من المسار الصحيح الديمقراطي السلمي إلى الحسم العسكري الذي ينادي به بعض القوى الوطنية الليبية.
لقد جرى الشوط الأول من الانتخابات في حكومة مؤقتة في شرق البلاد بثقة من مجلس النواب صاحب السلطة التشريعية الكائن في مدينة طبرق الليبية وحكومة الوفاق الوطني المنبثة من اتفاق الصخيرات المغربية لتصبح حكومة شرعية دولية بحسب بنود ذلك الاتفاق.
لكن التنافس والتوازي بين الحكومتين الشرعيتين محتما وحادا بين المؤسستان الشرعيتان في دولة واحدة ليعملان على تسير أمور الدولة الليبية سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وترقب الناس إنهاء المشاكل العالقة داخل الدولة الليبية.
بينما كانت حكومة الوفاق الوطني المسيطرة على أمور السياسية الخارجية واستحواذها على القرارات السيادية بحكم وجودها في العاصمة الليبية طرابلس والمدعومة من مصرف ليبيا المركزي الكائن في المنطقة الغربية على حساب المصلحة الوطنية الشاملة في ليبيا.
هذا وان وزير الخارجية والتعاون الدولي بحكومة الوفاق الوطني يقف التعامل ويتحدد العلاقات مع دبلوماسيين وسفرا في بعض الدول لمن يخالف سياسات حكومة الوفاق الوطني مشيرا آن ليبيا ليس لها سفراء ولكن لها قائمون بإعمال.
كنا نتوقع تطورات مختلفة في البلاد من توحيد المؤسسات في البلاد في عملية السلم الاجتماع، فما ذا كان العمل السياسي الديمقراطي ينقلب إلى الحسم العسكري من دخول القوات العسكرية العربية الليبية عاصمة القرارات السيادية.
الهجوم على العاصمة الليبية يشكل الكارثة الانتخابية، انه أمر ليس مبشر بالخير بحسم المعركة من معركة سياسية إلى معركة عسكريا ورفض الطرفين نتائج الانتخابات الرئاسية والتشريعية المستقبلية التي تنادي بها المنظمة العالمية بخروج من الأزمة.
لكنهم هرعوا جميعا في حشود عسكرية كبيرة على الفور وتجنب الساحة السياسية الديمقراطية وقبول تقاسم السلطة في مبينهم وحناجرهم تصدع بالشتائم والقذف بعضهم البعض حيث الانحدار الأخلاقي الوطني التي لا ترفع من مكانتهم أمام الشعب الليبي.
أنهم سيحشدون قواهم ويصوتون جميعا على الحرب الأهلية ويهزمون أنفسهم بأنفسهم في معارك جانبية ليس لها أي منطلق سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي يعلم على رفعت البلاد بثوابت الديمقراطية ودستورية الدولة الليبية.
ورغم أن الوضع الذي تعيشه ليبيا اليوم يختلف عما عرفته في أثناء النظام الجماهيرية العربية الليبية السابق، إذ قد يفسر من امتداد تلك الفوضى التي كانت تعيشها ليبيا طيلة فترة معمر القذافي من استبداد سياسي والسيطرة على مقدرات الدولة الليبية.
ولهذا نقول ونكرر على أن لا تحالفات بين القوى المتصارعة اليوم وسد طريق الحسم العسكري بالهجوم وتحرير العاصمة الليبية طرابلس، إلا آن طبيعة العمل الديمقراطي الدستوري غير موجود في الدولة الليبية.
ومن تصويت فئات سياسية ترفع شعار العيش المشترك ضد من يرفع شعار الحسم العسكري في إعادة المسار الديمقراطي من جهة أخرى، لن تكون لليبيا أي قائمة نحو خطاب سياسي معتدل جديد يدعو إلى التهدئة والحوار السلمي بين الأطراف الليبية المتنازعة.
واني لأجيب على هذه التساؤلات عن المبادرات المعروضة على الساحة السياسية، ولم اعثر على إجابة كافية للرد على من يعمل على حسم المعركة عسكريا دون الرجوع إلى مائة المفاوضات كسائر أطياف طبقاتنا السياسية المهتمة بالشأن الليبي.
ليبيا اليوم في تعبير صريح عن التردي في درك السياسية والحضارية، وهو تعبير عن أطراف النزاع دون الرجوع إلى دستورية الدولة الليبية التي تعمل على حفاظ النسيج الوطنية الليبية من الضائع والتهلكة والحرب الأهلية والإبادة للمجتمع الليبي.